Tuesday, December 30, 2014

now


my life is a constant run. 
i keep getting better in finding ways to get away with lonliness. problem that's a lot of energy, sometimes it gives, sometimes it takes away. when i had such a consistantly rich dose of life, this is so exhausting and draining cumulutively.

Friday, October 3, 2014

صباحية مباركة يا حبيبي

قربنا على السنة. ما زلت مصدومة من رحيلك. قلبي ثقيل معظم الوقت. غدا ذكرى لقائنا الاول. ٤ اكتوبر. صباحيتنا المباركة. يعني مثل الليلة من ١٤ سنة كنا منغمسين في التعرف على بعض، مفتونين ومنتشيين.

طاقتك. لا يوجد مثلها الكثير. ضحكنا اليومي، كلامنا المستمر. نحن فعلا كنا نتكلم سويا طول الوقت. طول الوقت. من اول ما اتقابلنا.

اجد نفسي مضطرة انا ارتطم بالواقع. تعبت من التفاجؤ بحرماني من تفاصيل كثيرة افترض وجودها لكنني اصطدم ان وجودها مرتبط بوجودك وانت لست موجود.

مصرة انك على سفر طويل، في راحة مستحقة، وانني ساراك قريبا. هذه هي الطريقة الوحيدة للتعامل مع كم التفاصيل التي احتاج ان اتعامل معها يوميا. وهو بالطبع تصرف غير سليم. لكنني لست جاهزة بعد.

سألني مختار البارحة: هل سمحت لنفسك بالانهيار التام بعد؟ لست جاهزة ولا اعلم لو سيكون لدي ابدا الجرأة ان اسمح لنفسي بذلك.

حتى الاشياء التي تعطيني راحة آنية تشعرني بحزن.

لا اريد ان اعيش بحزن.

أشاهد فيديوهات لعلي صنعت بحب. يضحكني ويلهمني ويخف قلبي قليلا ويعطيني طاقة اكمل بها يوم بدأ ثقيلا. يذكرني بحياتنا وفكرنا. ثم يعود الحزن.



Sunday, August 17, 2014

عمو سيف

في عام ٢٠٠٥ عندما قررت ان اترك الصحافة كمهنة اول ما فكرت به هو ما الذي سأخذه معي من تجربة ١٢ سنة في العمل الصحفي. والاجابة بمنتهى السهولة كانت كل من الهمني في رحلتي هذه. كنت قد عملت كصحفية اساساً في لبنان مع زيارات متعددة الى سوريا والعراق ثم في مصر منذ ٢٠٠١. واخذتني رحلتي هذه الى كل مكان. الشارع وداخل بيوت الناس، مؤتمرات ومقابلات مع سياسين ونشطاء وافراد. في لبنان مسكت اكثر من ملف (حزب الله، وضع المعتقلين اللبنانيين في اسرائيل، ملف المخطوفين والمفقودين خلال الحرب الاهلية اللبنانية، حقوق المرأة والطفل وذوي الاحتياجات الخاصة واهتميت ان اغوص في العمق في هذه الملفات.

لن انسى مدى حياتي بكاء ام أحمد بحرقة على ابنها المفقود. تنتظره في بيتها المتهالك في حي السلم في ضاحية بيروت الجنوبية وترفض طلب اولادها الآخرين بالسفر حيث هاجروا هم. اشياءه في مكانها. تنتظره. ولن تبرح مكانها. اعلم ذلك.

لن انسى مزارعة التبغ في ضيعة حولا في جنوب لبنان والتي زرتها عندما كانت ما زالت تحت الاحتلال الاسرائيلي. الفخر والهمة والطاقة في وجهها الاسمر وعينيها الخضر.

وفي مصر، حيث وصلت لأفتش عن الالهام الذي كنت تعرضت اليه وانا ما زلت في لبنان من كبار مثل محي الدين اللباد وبهجت عثمان وجميل شفيق، وجدت أحمد سيف.

كنت اغتنم كل فرصة لأزوره في مكتبه في التوفيقية لإجراء مقابلة عن موضوع من المواضيع الكثيرة التي يتابعها. ونجلس ساعتين او اكثر ويأخذنا الحديث من موضوع الى آخر. يعيرني مراجع اقرأها عندما نتطرق لموضوع معين.

في ٢٠٠٦ قابلت علاء ومنال في إطار العمل على تطوير الافكار لمشروع معسكرات التعبير الرقمي العربي. عندما قلت لعلاء وقتها اني تركت الصحافة مؤخراً صرّح انه قرار ذكي.

عندما قررت ترك الصحافة وكنت بعد لم اقرر خططي بعدها قال لي علي، في تصريح نادر جداً عليه، انه قرار "حكيم".

اعترفت لعلاء وقتها – في ٢٠٠٦ – ان اكثر ما اشتاق اليه هي الناس الملهمة – مثل ابيه - التي كانت مهنتي تعطي لي المساحة في التعمق معها.

عملي في مشروع المعسكرات وبعدها في أضف اعطى لي المساحة ان اعمل فقط مع الاشخاص الملهمين والمؤثرين في مجتماعتهم. واجتمعت عائلاتنا واصبحنا اكثر قرباً وحباً ودفئاً.

في ليلة كنا فيها في زيارة سوياً في ٢٠٠٩ وفي سياق حديثي اعترض عمو سيف على تعليق لي عن الحاجة الى بعض الانضباط في التربية وقال: “بس خدي بالك من القسوة.”

في السنين اللاحقة كان موقفي ان لدي المساحة لفرض الانضباط على اولادي لإيماني انها مهارة ضرورية في حياتهم – ان عندي هذه المساحة – لأن علي ابوهم. وبالتالي علي سيلعب دور المربّي الملهم وانا -المسؤولة عن كل البنى التحتية لحياتنا – سأخذ المهمة التي لا يريدها احد لكنها وجودها اساسي وضروري.

قبل سفرنا الاسبوع الماضي الى فايد للمعسكرات، ذهبت بصحبة صديقي مصطفى سعيد الى المستشفى لزيارة عمو سيف. كان متعباً وبرغم تعبه وقلة كلامه قال لي بكل حزم وانا اودعه واقبّل رأسه وكتفه ويده: “خدي بالك من الاولاد.”




Monday, August 4, 2014

رسالة ثانية من علي

ارسلت لي منّة  - وهي في الغرفة المجاورة لمكتبي - رسالة عبر الايمايل تطلب اذني ان تنقل اوراق ومتعلقات علي من مكتبه لانها تحتاج إعادة ترتيب المساحة لنستقبل فريق عمل الوان واوتار عندنا الى ان يستقروا في مساحة اخرى. قرأتها ونهضت في الحال. "سأنقلهم انا،" قلت لها. 

حتى هذه اللحظة لم احرك شيئاً من متعلقات علي. وقفت امام المكتب اتفحص الاوراق. ثم لمحت خطه على ورق كراسة. كان فوقها قرصين CD وبضع كروت عمل تعرفت على احدها. ثم سحبت الورقتين.

شعر. 

رسالة ثانية من علي. يرسل لي من خلالها دفق من الحب يكفيني دهراً. انا سعيدة جداً اليوم. هو سعيد أيضاً وأختار ان يقول لي ذلك. 

شرعت اطبع محتوى الكتابة ببطء، اقرأ كل بيت عدة مرات. مشيت مسافة الطرقة بين مكتبي ومكتب أحمد ٤ مرات ليساعدني في استنتاج كلمات غير واضحة. 

ها هو علي هنا. حاضر ومبتسم ومتحمس للعد العكسي للمعسكرات. طفلنا الاول سوياً. أشعر بفخره بنا. أعلم ما يقول لي مثلما عرفت منذ اول لحظة انه سيفعل. سيقول لي دائماً وما عليّ الا ان اسمع حبيبي.


تحدثت
تدفقت كلماتها
بلا حدود، بلا اي رغبة في التوقف
دفق صادر من الكلمات العشوائية المواضيع
ينتابها خوف شديد من ان تنتهي من هلوستها الكلامية
فتدفن حية في الصمت موؤدة
تخاف الصمت
تخاف اذا سكتت ان تفقد انسانيتها
وتعود حيث كانت ... صنم
صنم لعبادة قديمة البدايات
ملّ الناس عبادتها، ووست شياطين عالمهم لهم فكفروا
اله من تمور شهية
ترتع امامها
وحين يعوي الجوع من جوفك
تأكلها
وتبصق النوى الى التراب
فلا يرتد نظرك اليه

كيف يتحول الإله انساناً ثم حيواناً
ثم
عدم
اله شهوة، عبق، بخور، هلوسات جائع
حلمة تحدق فيك بلا مبالاة واحيانا بتحدّ وقليلاً بغزل"
تداعبها بأصابع عقل مخمور، وتهمس لها بشفاهٍ بليدة
انتِ البداية والنهاية"

رفعت حاجبها
وابتسمت
لم تفهم
لم يسألها أحد من قبل
هل تسأل الخمر عن رغبتها السباحة في عقلك



زجاجة خمر

بارعة القوام
صغيرة الفم
ممتلئة الردفين
تلمع عيونها فتعكس ضوء الشموع الرومانسي

لها كلٌ يلهب شاعرية العاشق
تدفىء قلبك
تذهب بعقلك الى احتلام الطفولة
وجنس بلا ذنب
ونهم بلا خطيئة

Saturday, June 28, 2014

عن نشر رسالة علاء

واخدت بالي ان سبب اني رجعت انتكست تاني كان عشان علاء اتقبض عليه تاني. وما اخدتش بالي من العلاقة دي الا بعد اسبوع او ١٠ ايام من اعادة القبض عليه. ومنها اخدت بالي وقتها كمان اني ابتديت اتحسن تدريجيا من بعد ما طلع علاء في مارس. 

البكاء اول اليوم واخر اليوم - كل يوم. التهرب من القعدة في البيت بعد نوم الاولاد. الاحتياج المرضي للحضن. الهوس والانغماس في الشغل، التمسك بأي شخص او حالة بتلهمني لانني اعرف ان من خلالها استمرار لجوهر علي. 

محاولات التقرب لكل من فيه من روح علي. الشعر، الفلسفة، الموسيقى، الافلام. اسئلتي المستمرة. الضحك كممارسة يومية. 

وفجأة اليوم طلعت رسالة علاء اللي بعتهالي من السجن. من وقت ما بعتهالي وهي معايا في شنطتي. شعرت باحتياج شديد اني انشرها. جزء من السبب ان الورقة ابتدأت تتهالك وكان لازم احفظ الكلام. وجزء عشان محتاجة اتمسك باي امل. علاء وسناء وماهينور ويارا في الحبس. الفاشية بتزيد بطريقة مخيفة وشكل التدهور في اوله. 

وعلي. عشيقي حبيبي شريكي مش جنبي في وسط كل ده. 

علاء قال لي:

"كلنا معاكي بس انت لوحدك اللي حتعرفي تتغيري."





رسالة من علاء عبد الفتاح بتاريخ ٩ فبراير ٢٠١٤

٩-٢-٢٠١٤


رنوة. انا بهرب من الجواب ده بقالي شهرين. لما جالي خبر وفاة علي مستوعبتش. كل اللي قدرت افكر فيه قد ايه حياتك حتبقى صعبة، واقلق على الاولاد وأضف حتى على ريم والبيوت الكثير اللي علي كان فاتحها. لكن قلبي رفض يستوعب اني مش حشوف علي لما اخرج، وعقلي هرب لاني مكنتش هعرف اتحكم في غضبي من السجن لانه حارمني من تلقي العزاء بنفسي في اخويا وقريني.

حاولت اكتب رثاء عشان تقولوه في التأبين معرفتش بس اتخيلت اني بكلمه وانا بكتب جرافيتي. في المعتاد لما بكتب بكلم جمهور مش اصدقاء بس معرفتش اكل الجمهور عن علي فقلت اكلم علي عن الجمهور.

خايف عليكم قوي، انا عارف انك قوية وعارف ان نبيل كبير وحيشيل مسئولية، عارف ان نديم ورامي حيملوا عليكي الدنيا حتفضلي تشوفي علي فيهم بس برضو خايف عليكم لان مهما كان مفيش حاجة حتملي الفراغ اللي هو سايبه، مش بس عشان محبتكم وعمقها، عشان علي كان فعلا متفرد وأكبر من الحياة.

كنت محتاج الطقوس، محتاج ابقى معاكم في دفن وصلاة وجنازة وعزاء واربعين وتأبين، احضر الرحلة وأشوف مراكب الشمس وهي واخداه عشان اصدق انه سابنا خلاص، انما كده انا مش فاهم، ومش فاهم اثر غيابه على الدنيا ايه؟

لفترة وجعني غيابي عنك اكثر من غيابي عن منال وخالد، لحد ما جالنا خبر ان خالد عنده اوتيزم، بقيت محتاجلك تشرحيلي وتفهميني، بس بقيت محتاج لعلي كمان يشرحلي بطريقة المهندسين اللي بتريحني.

لو كنت عرفت أكتب عن علي كنت حكتب عن ازاي هو جمع حواليه ناس متنوعة من المحيط للخليج في مجتمع واحد، عشيرة كبيرة متنوعة لدرجة انها عمرها ما كانت حتجمع نفسها من غيره. المشترك ما بينا حاجة بس هو اللي شافها وهو بس اللي فاهمها بس حاجة حقيقية جدا. الحاجة دي هي جوهر علي، ودلوقتي في غيابه احنا في خطر ان العشيرة دي تتفرق، عشان كده لازم نتغير، لازم نلاقي جوانا من غيره اسباب استمرار عشيرته، ويمكن هو سابنا بدري من غير ما يوصف ايه اللي بيجمعنا عشان يبقى عندنا حرية اننا نتغير ونصيغ اللي بيجمعنا ده على قد طاقتنا من غيره.

انت دلوقتي في قهر وغضب وانكار ورفض بس لازم يوم تتغيري، تتغيري عشان اسرتكم تكمل من غيره، مش حينفع تكمل كأنه موجود، لازم تكمل وجوهره موجود فعلا وده محتاج تغيير، وده محتاجك تعمليه لوحدك، كلنا معاكي بس انت لوحدك اللي حتعرفي تتغيري.

فمتخافيش انك تتغيري، محدش امين على جوهر علي أكثر منك ومحدش محتاج لجوهر علي اكثر من الاولاد اللي انت عمرك ما هتقصري معاهم وهتخدليهم، انت عارفة ده كويس فمفيش داعي للخوف ولا للغضب، حافظي على الحزن هو بس اللي مهم دلوقتي.

بمنطق مشابه اضف لازم تتغير عشان تعرف تحافظ على جوهرها اللي علي كان جزء كبير جدا من صياغته، محاولة الشغل كأنه موجود معناها بس ان غيابه هيزيد تأثيره ونتوه كلنا.

من كام اسبوع كنت بسمع فيروز وكان فيه ميدلي لخمس ست اغاني ليها معمولين مع بعض كوبليه لكل أغنية بس على مزيكا موحدة، واخدت بالي ان المزيكا هي الكوردين بتوع علي، نمت يومها وحسيت بيه معايا في الزنزانة بيلعب الكوردين بالجيتار مستمر لساعات من غير ما يبطل يبتسم ولا يزهقني. واحشيني جدا ومحتاج اقعد وسطيكم وابكي رحيل اخويا.

علاء

Sunday, April 27, 2014

كتبت في ٢٣ يناير ٢٠١٤

كتبت هذا النص بعد رحلة ٣ ايام الى عمان في يناير.


عدت الى بيتي وقبلت وحضنت نديم ورامي ولعبنا بالهدايا ثم دخلنا الى النوم. خرجت بعدها الى الصالة. وتكلمت مع علي. اعدت احياء آخر نقاش اجريناه قبل ان ننزل يومها – يوم الاربعاء. كان عن موقع الوان واوتار الجديد في بلبيس وكنا مهمومين في التفكير عن سبل استخدام المساحة لإفادة الشباب الذين نعمل معهم. وبعدين قلتلك كفاية شغل يا علي.

رفعت رأسي ونظرت الى صورة زفافنا. هديتك لي في عيد ميلادي ال ٣١. وقتها, كبر حجم الصورة اخجلني وخلال السنوات التي تلت كنت اتعمد وضعها في زوايا بعيدة من بيتنا. في بيت الزمالك ثم بيت المقطم. هي في قلب الغرفة الآن. فرحتنا ببداية مشوارنا. الاولوية للاحتفال الدائم بالحب.

Monday, April 21, 2014

سلام على علي شعث - لينا عطاالله، شيرين سيقلي، ميسرة عبد الحق ١٩ ديسمبر ٢٠١٣

في عام 1994، ساق علي شعث ومعه ثلاثة من أصدقائه، سعيد القدرة ومصطفى حرارة ومجد الخالدي من القاهرة إلى فلسطين. كانت تلك زيارة علي الأولى إلى الأرض التي شكلته من بعيد. كانت لحظة أمل وامكانية، وتلك هي اللحظات التي كان علي يعيش من أجلها. كان الرجال الأربعة أول من دخل غزة بعد المراحل المبدئية لاتفاقيات أريحا – أوسلو. في ذلك الوقت، كانت لحظات الحلم بالتغيير٬ وكان هدفهم إتاحة التكنولوجيا بشكل بسيط ورفيع في الوقت نفسه. لم ينم علي في ذلك اليوم، ولا في الأيام العديدة التي تلته، كانت تسيطر عليه الرؤى والأصوات التي كان يتخيلها منذ زمن طويل، بعدها شرع فورًا في العمل.
كان الرجال الأربعة مسؤولين عن البنية التحتية للمعلومات في الضفة الغربية وغزة. واجهوا تحديات مختلفة سواء المعارضة أو الاحتمال الحقيقي للموت. واجهوا ما بدا في ذلك الوقت أنه لا يقهر وهو تحدي هيئة المعلومات، من رواتب موظفي الحكومة إلى تنمية المكونات الصلبة والبرمجيات والتدريب على تفاصيل نقل الإدارة. وضع علي وفريقه القطاع الحكومي على الخريطة، وفي العام الأول من العمل على مدار الساعة أسسوا بنية تحتية معلوماتية واسعة.
شارك علي في جمع وقيادة الخبراء الفلسطينيين من الجامعات والمنظمات غير الحكومية التي تشرف على هذا الانتاج من المعلومات والاحتياجات الإدارية والهندسية للحكومة. ومن خلال تجديد قواعد البيانات والتدريب على "أوراكل" و "أونكس"، مهد علي وفريقه الطريق لوسائل جديدة يمكن أن تؤثر على شكل ومحتوى التعليم الثانوي والعالي. ومن خلال إظهار دقته العملية الفريدة، كما يتذكرها زملاؤه، واجه علي مصاعب فهم الظروف الصعبة والمتغيرة بسرعة وتحويل المناقشات الطويلة بسرعة إلى خطط عمل ملموسة. لقد فتح امكانيات أمام نوع جديد من المعرفة.
عرف علي في ذلك الوقت وفي أوقات كثيرة بذكائه الحاد، وتمثيله لجيل جديد يعد بمستقبل مختلف. لم يكن صوته يعلو ولم يوقفه أبدًا أي صراع صغير، كان معتزًا بنفسه، كان يبني جسورًا من الأمل والعمل الجاد والرؤية.
وكانت معسكرات التعبير الرقمي العربي هي إحدى المحطات التالية لعلي، فهنا يتجمع الشباب من أنحاء العالم العربي في معسكر صيفي ويبدأون في رحلة تعليمية تجريبية حيث يصبح الفن والتكنولوجيا مجالات خصبة للتعبير عن النفس واكتشاف الهوية. فعلى مدار سبعة معسكرات سنوية لعب علي عدة أدوار. أحيانًا كان مدربًا للإنتاج الصوتي، يمنح الصوت معنى جديداً كوسيلة للحكي، وأحيانًا أخرى، كان يحرك المشاركين في المعسكر صباحًا، ويلعب باللغة والجسد بمهارة، وهو مؤشر صغير على كيفية تطور التعبير في مجموعة من الأشكال.
وفي أحيان أخرى، كان علي مدير المعسكر، يضخ فطنته وحكمته في تسيير القوارب. وفي الخلفية كان دائما مخططا للعام المقبل، مع مجموعة من أكثر التقنيين والتربويين والمتحمسين للبرمجيات مفتوحة المصادر والفنانين شغفًا، لتشكيل بنية ومحتوى المعسكرات. كانت جلسات التخطيط تلك تتحول إلى أجزاء من الحياة في المعسكرات، حيث المتعة والفن واكتشاف كل ما هو جديد هو منهج العمل، ذلك العمل الذي يغلفه الحب.
كانت المعسكرات واحدة من البدايات المتعددة لرجل كان يبحث بشكل دائم عن طرق لممارسة التغيير. انحدر علي من نسل معسكرات الكومبيوتر العربية التي بدأت في عام ١٩٨٤ واستمرت لعشر سنوات في تدريب الآلاف من الأطفال العرب على لغات الكمبيوتر الأساسية، في مجال يعزز الثقافة العربية والوعي بالقضية الفلسطينية. كانت المعسكرات ملجأ للشباب الذين أصبحوا نشطاء بارزين في العالم العربي على الجبهة الأمامية في استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في عملهم و محاولتهم إحداث تغيير.
لكن المعسكرات لم تكن النهاية بالنسبة لعلي، فبعد الثورة، أصبحت مؤسسة التعبير الرقمي العربي، التي أسسها علي وشريكته رنوة يحيى، موطن المعسكرات وأكثر. اسمها "أضف"، وقد أصبحت هي المنصة لأعمال مجموعات مختلفة في مجالات الفنون والإعلام، مستخدمين أدوات تكنولوجية تشجع الاستدامة والتمكين. وكما في المعسكرات، فقد تحرك علي على كافة الأصعدة في "أضف"، من مهندس كمبيوتر إلى مدير إلى وسيط إلى مدرب ومفاوض إلى فنان وأكثر. فكانت قدرته على التحرك بين الوظائف المختلفة انعكاسًا محتملاً لرغباتنا الطموحة في أوقات متزعزعة، حيث نصبح نحن الوحيدين القادرين على تحويل ما نتخيله إلى حقائق واقعة ملموسة على الأرض.
كان شغف علي بالحياة يأتي من الاكتشافات الجديدة. مثل رجل شرع في تزيين مساحته، أمضى علي وقته في الاكتشاف والجمع، هذه الرحلات اليومية كانت لحظاته من السعادة الخالصة،، نشوة الشعر، الموسيقى، نشوة وضع مجموعة كاريوكي باستخدام الأقراص الصلبة غيرها. قام علي ببناء تشكيلة كبيرة وصغيرة من الاهتمامات التي في مجملها كانت دافعًا للمعرفة لكل من حوله، لكن هذه التشكيلات كانت أيضًا شخصية جدًا في دوافعها، ومع اتساع أوجهها، ظلت مترابطة بعمق. كانت المعرفة لعلي بمثابة مغامرة، وكانت دائمًا رحلة شخصية.
و في "أضِف" تتبع هذه التعددية منطقًا فريدًا، ففي واحدة من أواخر محاولاته للكتابة عن وفرة نشاطات "أضف" المتعددة، قال علي إن المساحة هناك تعتبر مصنعًا ودكانًا في نفس الوقت، حيث يتم الترويج للبرمجيات المفتوحة والدفاع عنها من خلال تنميتها داخل المؤسسة نفسها. وبالمثل، يتم الترويج للتعليم البديل والذاتي، الذي لا يمكن أن يحدث إلا بتنمية وتطوير المنهج التعليمي في الداخل وتدريسه في المعسكرات. كما إنه لا يمكن الترويج للغة العربية على الإنترنت إلا من خلال تطوير أدوات التعريب والإسهام بنشاط في ويكيبيديا بالعربية.
ولأنه يسهل التعلق الشديد بالأدوات بالنسبة للتقنيين، فقد وضع علي الناس نصب عينيه، وقام بالتدريب والإشراف والنصح سواء من خلال المعسكرات أو من خلال تدريب المدربين أو من خلال المشاريع المختلفة التي دعمها. فهناك أشخاص خلف راديوهات الإنترنت يطمحون إلى بث أصواتهم عبر الأمواج يومًا ما، وفنانو جرافيتي يطمحون لمواجهة المدينة بتحيزاتها بين الجنسين، ومصورو فيديو يسعون نحو تحويل محتواهم إلى أرشيفات مفتوحة تصبح بمثابة مستودعات للمعرفة ومواقع نشطة للإنتاج.
كانت هذه أيام الأمل، تمسك علي سريعًا بهذا الأمل واستمر في البناء والتجديد. كان يعود إلى فلسطين عدة مرات منذ زيارته لها في رحلته الأولى في عام 1994. وفي رحلته الأخيرة، خلال آلام المخاض المليئة بالأمل للثورة في مصر وغيرها، التقى علي بجيل جديد من النشطاء، مشاركًا إياهم الاستراتيجيات، وملهمًا بالأفكار الطموحة وكعادته مستمعًا باهتمام.
في تلك الرحلة، وصل علي ونجله نديم إلى حيفا وعكا. وكانت تلك المرة الأولى التي يزور فيها علي المدن الساحلية التي شكلت الخيال والذاكرة. لم يتمسك بالماضي الذي ذهب، وإنما امتص جمال ما تبقى. غنينا مع نديم في السيارة بينما كنا نسافر في الطريق إلى عكا، أكلنا السمك على المتوسط واستمتعنا بجمال كوننا معا، وكان علي كما هو دائمًا، مصدرًا للبصيرة والفطنة، مثالا للحب الأبوي، ملهمًا في حكمته وتجسيدًا للأمل الفريد.
تجمع الكثيرون منا في الساعات المتأخرة للأربعاء ٤ ديسمبر عندما تركنا علي فجأة، مشتتين، فاقدين الوعي، مصدومين من قسوة الفراق. تجمعنا ممزقين من عدم التصديق والألم، وفي أقل من ساعة، كان علي قد رحل، فالمكان الذي يطلق على نفسه "مستشفى" لم يكن لديه جهاز تنشيط القلب بالرجفات الكهربائية أو حتى سيارة إسعاف لإنقاذه من أزمة قلبية متوحشة. وفي طريقه إلى مثواه الأخير، كان شباب المقطم، الذين أصبحت "أضف" بيتًا اختياريًا لهم، هم من حملوا نعشه.
وبعد يوم، ذهبنا جميعًا إلى الإسكندرية، مسقط رأس علي، لوداعه الأخير. كنا نستعد لما توقعنا أنها ستكون رحلة مشؤومة، إلا أن روح علي سرعان ما حلت علينا، وجدنا أنفسنا معًا حول طاولة مع الأطفال، نضحك ونأكل ونتواصل فكريًا ونتذكر.
على فراش الموت، كان علي يرقد بسلام مبتسمًا ربما لتذكيرنا بإرثه الذي تركه من الحب والضحك لنستمر به ومعه. نعاني الآن من خسارة فادحة، لكننا نواسي أنفسنا بالهدايا الكثيرة التي تركها لنا علي، ترك لنا الأمل في المستقبل، الطاقة التي لا تنتهي القائمة على فهم وثيق بالتاريخ، الالتزام بامكانية التغيير، دفئه واستعداده للحركة، سعة صدره للضحك والسعادة، بصيرته وقدرته العميقة على تقدير الفكر النقدي. لقد شملنا بإثارته وأشعلنا بطموحه للحرية، علّمنا أن ننتج المعرفة وأن نجدد استخدامها والوصول إليها. هذه هي الأشياء التي منحنا إياها علي شعث، ومن أجل الوقت الذي قضيناه معه، نعتبر أنفسنا محظوظين.


http://arabic.jadaliyya.com/pages/index/15641/سلام-على-علي-شعث

من ميناء عكّا إلى شاطئ إسكندرية، إلى علي شعث - رشا حلوة ٧ ديسمبر ٢٠١٣

كتبت رشا حلوة


المشهد الأول
مايو 2012. بار في فندق. المجموعات الأولى للمشاركين وصلت إلى شرم الشيخ. الليلة الأولى؛ فعاليات أغان ورقص بوتيرة متصاعدة إلى أن وصلت قمتها عند الواحدة صباحاً. علي يمسك في يده دربكة ونغني معه أغاني وردة الجزائرية. نغني ونرقص ونضحك. المشاركون القادمون من تونس تأخروا في مطار القاهرة. ساد قلق بأن لا يصلوا عند بداية المؤتمر أو القلق الأكبر يكمن باحتمال إعادتهم إلى تونس. الأغاني مستمرة؛ فلسطينيون ومصريون وسوريون ولبنانيون وأردنيون. انتهت فقرة أغاني وردة. انتقلنا إلى أغاني محمد منير.

المشهد الثاني
فور رحيل علي بحثت في الملفات القديمة ووجدت من هذه الليلة مقطعاً مصوراً ًقصيراً يوثق لثوانٍ معدودة علي حين كان يغني: "آه يا لا لا لي.. يا بو العيون السود يا خلي".

المشهد الثالث
في صباح اليوم الثاني لحلقة الأغاني والرقص في شرم الشيخ، استيقظنا على خبر رحيل وردة الجزائرية.


المشهد الرابع
في الليلة الثانية للمؤتمر، عند منتصف الليل، كان قد وقع اختيار شاطئ البحر أن يضم سهرتنا هذه المرة. كنا نختار سهراتنا كلّ ليلة في مكان مختلف داخل الفندق. بعد بداية السهرة بقليل، قررت أن أترك المجموعة وأذهب وحدي قليلاً لأتأمل البحر، ومن ثم عُدت إليهم، فإذ بمجموعة من الأصدقاء تغني أغاني تونسية وتجلس على مقاعد البحر. ومجموعة ثانية، تضم علي ورنوة وخالد وتحرير، تغني أغاني الشيخ إمام وأحمد فؤاد نجم. فجأة، توقفت المجموعة التونسية عن الغناء، وانضمت إلى مجموعة الأغاني المصرية. وبعد انتهاء فقرة "الشيخ إمام"، أحضر علي جيتاراً كي يغني بذات التلقائية والعفوية والسعادة، الأغنية التي انشهرت بصوته وأدائه أكثر من مغنيها الأصلي ياسر المناوهلي: "قلة مندسة". غنّى الأبيات وكنا نغني اللازمة معه. وفي تلك الأثناء، رُسمت على وجوهنا الابتسامة التي تشبه ابتسامة علي، كأنها تنتقل إلينا منه، بسحر ما.
في تلك الليلة أخبرت علي ورنوة: "بدي أحكيلكو فكرة". أجاباني: "طبعاً، خلينا نحكي قبل ما نرجع القاهرة وترجعي عكّا".

المشهد الخامس
انتهى المؤتمر. الفندق فارغ. كانت الغالبية قد غادرت باكراً. علي ورنوة والعائلة سيعودون إلى القاهرة من شرم الشيخ بالسيارة التي استقلوها. كانا جالسين في غرفة الاستقبال الفندقية. جلست بجانبهما وحدثتهما عن فكرة إنشاء "راديو أون لاين" للمنطقة العربية كلّها ويتحدث بلهجاتها. كعادتهما، شجعاني على كتابة المشروع وإرساله والبدء في خطواته الأولى. كانت المحادثة باللهجة الفلسطينية واللبنانية، وسرعان ما تحولت إلى المصرية حينما توجه إليهما ابنهما نبيل لسؤالهما: "إمتى هانمشي؟".



المشهد السادس
يناير 2013. وصلت القاهرة وقصدت مؤسسة "أضف" في المقطم، لإقامة الاجتماع الأول لحُلم "راديو الإنترنت". احتضن اللقاء عددًا صغيرًا من محبّي الفكرة والأصدقاء. مجموعة تقنية وأخرى تعنى بالمضامين. لكن، لم تكن تلك التفرقة ذات أهمية. كنا نريد "أون لاين راديو"، وكانا رنوة وعلي حارسين لهذا الحلم. أذكر "لايك" رنوة في اليوم الأول لهذا اللقاء، حين كتبت عبر الستاتوس: "أن تتحقق الأحلام". لم أبح لها بأي تفصيل عن القصد من الستاتوس أو الحُلم، لكنها فهمتني. هي تفهمنا دوماً. وكانا سوياً يفهماننا دوماً.
اقترح علينا علي عندها أن نقوم بتسجيل تجريبي لفقرات الراديو. وبادر بدوره بتسجيل صوته. فقال: "هُنا راديو.. هُنا". رشا، صديقتي وشريكتي اللبنانية، قامت بالتسجيل عبر هاتفها النقال.

المشهد السابع
بعد رحيل علي بيوم واحد، أرسل لي زميلي أحمد عبر التويتر ليستفسر عن مكان هذا التسجيل. على الفور تواصلت مع رشا عبر "الواتساب"، وأخبرتي بأسف وحزن بأن ملفات "الميديا" اختفت كلّها من الهاتف.
لماذا لم نحتفظ بالملفات عندها؟ لماذا لم ننقلها إلى "مكان أكثر أمانًا"؟ لماذا لم نسمع نصيحة "غاوي الأراشيف"؟ ولماذا اعتقدنا بأن نصيحة علي مرتبطة بالملفات العامة فقط؟ ولم نسمع كلماته التي بين السطور، التي ربما لم يبح بها بصوتٍ عال: "احفظوا لي صوتي.. احفظوا أصواتكم".  

المشهد الثامن
في الليلة ما قبل انتهاء لقاء الراديو. ذهبنا أنا ورشا إلى بيت رنوة وعلي في المقطم. كان موعد الزيارة بعدما ذهب الأولاد الثلاثة إلى النوم. ضوء خفيف في الصالة. الجوّ دافئ برغم برد منطقة المقطم المرتفعة. قامت رنوة إلى المطبخ لتجهز لنا الشاي. وحين عادت إلى الصالة، بدأنا أنا ورشا بسرد ملخص ما احتوى اللقاء من مضامين واستنتاجات وتخطيطات وخطوات مستقبلية. كانا رنوة وعلي في كامل الإصغاء. وحين انهينا أنا ورشا المداخلة، بادر علي بأفكار جديدة وببعض النصائح. وكان الاقتراح الذي لا زال عالقاً في ذهني، برغم الاقتراحات كلّها التي كتبتها على الدفتر الصغير: "أعدّوا برنامجاً أو فقرة تطلب من المستعمين أن يقوموا بتسجيل الصوت المفضل لديهم في القرية أو المدينة، وقوموا بإسماعها عبر الراديو، على أن تتيحوا فرصة التصويت للمستعمين عن أفضل صوت كلّ أسبوع". وأضاف: "إن أهم ما في فكرة الراديو ومشاريع الويب عموماً أن يكون للمستمع وللمستخدم دوراً فاعلاً".
لم يتقدم المشروع بخطوات ملموسة يا علي، لكني أعدك بأن لا أضع هذا الحلم جانباً.

المشهد التاسع
سأعود بالأيام قليلاً، إلى ما قبل العام 2012؛ إلى نهاية يناير 2011. إلى بيت صغير في رام الله، تجلس في صالته مجموعة تصل إلى 20 شخصاً من الأصدقاء والصديقات، تتابع قنوات التلفاز كلّها؛ العربية والمصرية، بقلق وخوف، وبإهمال لكلّ أمر يحدث خارج المشهد المصري. كان علي قادماً بزيارة سريعة إلى فلسطين. بصراحة، لا أذكر من كان برفقته، نبيل أم نديم أم رامي. لكنه كان سعيداً لاصطاحب أحدهم لأول مرة إلى فلسطين، ومتفائلاً بما يحدث في مصر. كأن الذي جعل زيارته في نفس موعد بداية الثورة المصرية أمرًا مقصودًا. فحضوره معنا، تحليلاته، رؤيته وابتسامته المرافقة للسرد، كانت كلّها أسباب تراكمية لأمل لم يصل إلى ذروته يوم 11 فبراير 2011، بل هو مستمر حتى يومنا هذا.

المشهد العاشر
بصراحة، لا أذكر تاريخ هذا المشهد. لكنه بلا شك كان بعد يناير 2011، وغالباً كان ما قبل يناير 2012. لكني أذكر بأنه كان يوم جمعة، وكنت أنا في استضافة علي ورنوة والعائلة لوجبة إفطار متأخرة. كانت الإستضافة في بيت العائلة القديم في الزمالك. الجوّ لطيف. وصلنا أنا وصديقي ميسرة بساعة متأخرة نسبياً عن الموعد الذي دعونا إليه. وكانوا قد سبقونا. ونحن بدورنا كنا نأكل ونتحدث معهم. كان الحديث يدور غالباً حول مصر، وكان علي متفائلاً كعادته. بعد أن انتهينا من الأكل، تطرق علي بحديثه إلى زيارته الأخيرة إلى فلسطين. يومها دخل إلى الأراضي المحتلة عام 1948، وأخبرني عن المدن التي زارها. وأضاف: "يتعامل الفلسطيني في الـ48 مع الإسرائيلي في أمور الحياة؛ الجامعة، العمل، موقف السيارات، الدكان، المواصلات العامة، لكن مقابل كلّ هذه التفاصيل، انتابني طوال فترة زيارتي شعور بأن الفلسطيني يقول للصهيوني بشكل ما: أنتَ مؤقت". هكذا لخص علي زيارته إلى فلسطين. وأنا، في كلّ حديث مع شخص غير فلسطيني يسألني عن أحوال الأراضي المحتلة عام 1948، لا بد من أن اقتبس ما قاله لي علي يوماً ما.

ما من مشهد أخير
أنا، كما العديد ممن عرفوك يا علي لدقائق أو لأيام أو لسنين، تعيش ذاكرة ما منك فينا. هذه "الذكريات" الحكيمة سنشاركها مع الآخرين ونمررها لمن لم يحظ بسماع صوتك ونذكرها لبعضنا البعض، كلّ على طريقته، لأن:"المصادر المفتوحة تعني الحرية".
لروحِك السلام.

http://zaghroda.blogspot.com/2013/12/blog-post_3634.html


Sunday, March 23, 2014

بيت غادة

كنت اعرف انك تنتظرنا هنا. بيت غادة في عين السخنة. ذكريات مبهجة ومليئة بالحب في كل انحاء البيت. في الشاطىء والمسبح. وضحكة الاولاد وهم بيسرحوا ويجروا في كل مكان. شفت يا علي عمار لعب لعبة القرش مع نديم ورامي؟ :-) من الالعاب المفضلة ليكم في البيسين. وبكيت لما جه الوقت البديهي انك تغطس في البيسين وتعلي رجليك فوق والاولاد يلعبوا بيهم لحد ما يوقعوك. وتطلعهم بسرعة وتخبط تاني في المية زي الحوت. بحب نطة الحوت كتير. بتاعتنا قوي.

واليوم الصبح سما عملتنا pancakes.

وصفٍتَك الشهيرة. وبكيت كمان وقتها.

عايشة جمال ذكريات حبنا. شوية بتوجع وببكي وشوي بتيجي ذكرى وبتلهمني وعم نمارس حبنا لبعض. انا والاولاد مناح. شوي شوي. حنكون مناح. اليوم حسيت قديش احنا لسه عايشين مع بعض. واتطمنت.

اول شي قلته بعد ما وقف قلبك. اول ليلة وانا بالسرير. ضليت عيد مرة ورا ورة "حتقولي حتقولي حتقولي".

هيانا مع بعض. بحكي معك طول الوقت وحتى عم ناقشك وتناقشني. مطمني كتير قديش حاسة انك معي. قديش حبنا موجود وعايش وبيعطيني طاقة وقوة. بحبك.

Monday, March 17, 2014

كل سنة وانت حبيبي

أفتش عنك. بإستمرار. في ابتسامة نديم وضحكة رندا وتريقة نبيل. ارتاح عندما اكون قربهم لأنني اشعر بك أكثر. أفتش عنك بين احبائنا واظلمهم لأنني احاول ان اشعر بك من خلالهم. كل ما اريده ان اكون معك. وانا معك فعلا. لكنني لا استطيع تحمل غياب صخبك، بهجتك. البيت كبير علينا الآن يا علي.

احتاج من يتحداني في افكاري كما تفعل دائما. احتاج لحبك. وما لي الا ان احب من نحبهم لأشعر بقليل منه.

منذ عشر سنوات، قبل يوم من عيد ميلادك ال ٣٧ غلبك توتر عالي. اذكر كنا معا في السرير وكنت ولاول وآخر مرة اعرفك فيها، خائف. قلت انك وطفل كنت تتخيل ان سن ٣٧ هو اكبر سن. وانك تشعر انك ستموت. ضحكت في محاولة لتخفيف توترك. وتكلمنا وتكلمنا الى ان ارتحت ونمت.

تتم اليوم ٤٧ عاما يا علي. كل سنة وانت حبيبي.

Monday, March 10, 2014

ان اعانقك

هو العناق. وقُبَل رقيقة. هذا الاحتياج العميق للمس. أعمق ما أعيشه من خسارة. صوتك و ضحكتك و كلامك وشغفك. استحضرهم وأعيشهم – كل ممارسة حب هي توكيد لحضورك الدائم في داخلي. لكن ان اعانقك. ان اعانقك.

Thursday, February 6, 2014

كتبت كندة حسن - ٥ ديسمبر ٢٠١٣


أردت التقاطها، بين الألم والحزن والحب، تلك الصورة، آخر صورة لهما معاً، جمالها موجع.
كان ممدداً على سرير من الجلد الداكن، تحت غطاء دافئ أزرق سماوي.
كان مسالماً، ومسللماً. وكان وجهه يبتسم لعينيها، صوابعها وراحتيها، كان جميلاً في حضنها.
لا يمكن لمرئ ان يرحل بدفئ اكبر من ذاك الذي غمرته به.
رنوة، نظرة ثابتة عليه لا يهزها شيء.
هادئة كانت صامتة، الخسارة موجعة، والحب أصعب.
علي، يا علي بالفعل، ودوماً.
علي الملهم، الأب، الأخ، الكاريزما، المدير.
علي الطفل والعقل، الذكاء والسرعة، الصديق، المعرفة والمرح، البيض بالجبنة و"رحت انضم فمرة"، علي المنقذ في أي موقف، علي الدعم المستمر.
أصبحت اليوم إنجازاتك.
أنت فريق العمل، أنت نبيل ونديم ورامي، انت كل من يحبك والشباب الذي تلهمه، أنت أكلتك المفضلة وأغانيك المفضلة وأفلامك المفضلة وقصصك المفضلة.
أنت كل سهرة جميلة وكل ابتسامة تشرح القلب.
انت كل برقة ذكاء في عيون، وكل شخص متين، متماسك، قوي ومتفهم.
أنت بيتك، أنت أغراضك الجميلة، مكبر الصوت، أنت رنوة والحب، أنت الشريك.
المشوار صعب يا علي من دونك.
التحدي كبير، ويحتاج الكثير من الإصرار والمتانة.
سنوزعك علينا. سنتعاون معاً لضخ طاقتك الرائعة وكل ما لدينا من كيانك في حياتنا، في عملنا، ومع الأولاد.
مع السلامة يا أيها العائلة. أعطيتنا كل ما نحتاج لنستمر بمتانة وليونة.
ليونة لنتمكن من إخراج الحزن والخوف والغضب من داخلنا، ومتانة لأننا واعين أننا على قيد الحياة، وأن الأيام ستدور بنا، وأن الوقت لا يهدأ ولا ينتظر طالما الدم يجري في عروقنا.

Sunday, January 5, 2014

رسالة الى علي من فهد الرياشي - ٤ كانون الثاني ٢٠١٤

عزيزي علي،

اكتبُ إليك مع معرفتي بأنشغالك بأمورِ ما بعدَ الحياة
حياةٌ كنتَ قد عشتَها بمعظمِها لمن، وما تحب
روحُك رافقتكَ في حياتِك، أمّا الآن.. فهي بقيت معنا
منثورهٌ في روحِ كلٍ منّا، ولن تَروح
راقبها في قلوبنا
و في كلّ جدارِ فكرٍ و حبٍ بنَيته فينا

ها أنا أسمعُ صوتَ روحِك فيَّ
في صدى ضحكاتِك
في واقعِ حياتي الذي أعيشه بنصائِحك
في حكمي على ما هو آتٍ
أن لا أُحكَم
أن اتحَّكم بمصيري
أن أتهكَّم على مصائبي واخطائي كي اتقدّم

في حبّي الغير مشروط لأهلي واصدقائي
في بحثي عن المعرفة، ومشاركتها
في ممارستي لحقوقي..لحياتي
في عملي القادم،
في أملي..
ها قد زُرعت فينا ولم تُدفن

أردّتُ أن أُطمئِنك، نحن بخير..
زوجتك وأولادك، أخوك وأختك، و والدك..بخير، أصدقائك و زملائك بخير
حُلمك بخير
فها هو وقت تأملِك وراحتِك، لنفسِك...عشه.

مع حبي وسلامي