Wednesday, February 1, 2012

كم مرة سننهار على شهيد؟


كم مرة سننهار على شهيد؟

سبعون شهيداً في ساعتين. سبعون عائلة. مئات منهارون الليلة.الاف غاضبون. حداد. عدا أهالي السويس و الأسماعيلية و بورسعيد، باقي الشعب المصري ليس له ذاكرة جماعية عن الاستشهاد و التهجير. حتى هذه السنة. دمنا مش رخيص. نصرخ, ننهار, ننتحب.

كبرت في بيروت بعد ان فقد اهلها انسانيتهم من كثرة الشهداء. في جلسة حميمية مع صديقة فلسطينية بعد مجزرة ماسبيرو, قالت لي انها لا تستطيع ان تستحمل كل هذه الانهيارات من حولها من اصدقاءنا الثوار. “نحن لسنا هكذا,” قالت. قلت لها لو حاولنا ان نعدد مجازرنا التي عايشناها نحن شخصيا في فلسطين و لبنان لن نستطيع. هذا جديد على مصر. وهنا تكمن اهمية رفع السقف الى اقصى حد وبكل الطرق لوقف هدر الدم. قرأت الليلة على تويتر اكثر من تعليق عن كم استشهد من معارفهم هذه السنة. شخص واحد ذكر انه لم يستطيع البكاء الليلة رغم خسارة صديق. أخطر ما تعيشه مصر انه لم يمر شهر الا و سقط شهداء منذ ٢٥ يناير. الشهداء في سوريا لا يزالون يتساقطون بالعشرات يوميا لكن رد فعلنا جميعا خفت حدته كثيرا. كبشر ما يحصل بعيد عنا اسهل ان ننساه و ما يحصل قريب منا بإستمرار يفقد هوله بتكراره. كبشر نحمي انفسنا من الانهيار بعد ان تستنزفنا, بعد ان لا يردّ الحق مرة بعد مرة. نقول في لبنان و فلسطين "تمسحنا". اقول فقدنا انسانيتنا. بعد وقت, السابقة لم تعد سابقة. و هنا تكمن اهمية رفع السقف الى اعلاه على كل نقطة دم تُهدر. ناقشت كثيرا دفاعي عن "يا نجيب حقهم يا نموت زيهم" في الاشهر الماضية, منهم من يصف الموقف بأنه عاطفي و خطير و يشجع الشباب على التضحية بأرواحهم. وهل يظن اي من من لم يرى شهداء يسقطون اننا نحب الموت؟ "بيموتوا عشان بيحبوا الحياة.” قالت لي سلمى سعيد البارحة. "و لسه ما عرفناش نجيب حقهم.” لحظة ما نفقد الاحساس بالذنب اننا لم نستكمل بعد ما ضحى من أجله الالاف بحياتهم, في هذه اللحظة بالذات نكون قد فقدنا انسانيتنا و عندها سنفشل مثلما نحن فاشلون في لبنان و فلسطين.