Sunday, December 4, 2011

وجع قلب



الكلمات ترفض ان تغادر ذهني. شدني برفق خطوتان بعيدا عن نديم و قال لي و الاضطراب باد على وجهه: " لا تقولي أمامه او لأي شخص ان نديم عنده توحد. كل طفل، كل شخص مميز عن الاخر."
وجع قلب. شكرته من قلبي.
يقول ناصف ما أؤمن به. لكن بين ما أؤمن به و التعامل اليومي و الاجتماعي مهارات عديدة لم تصقل تماماً بعد. خاصة في الوضع الذي كنا فيه.
نزلنا التحرير يوم جمعة رد الاعتبار للشهداء لمشاركة ناصف و ريم و آخرين في عمل طائرات ورقية تكريما لشهدائنا و اخذنا نديم و رامي.
وصلنا الباحة القريبة من المجمع حيث تعمل المجموعة و فرحت لاستجابة عدد من فتية معسكراتها الصيفية الى النداء الذي ارسلته للمشاركة. طائرات الورق من الورش التي شارك فيها الفتية في نشاطنا الصيفي. لم أتخيل يوما ان ندعو فتياننا لاستخدام ما تعلموه لمناسبة قاسية كهذه.

تحمس نديم عندما وجد قلم ماركر و أخذه و شرع يكتب على الطائرات التي عليها صور للشهداء. داس على الطائرات و اقتلعت احدى الصور و بدء التوتر يظهر علي و على علي.

برفق و هدوء، حاول ناصف ان يقول لنديم ان لا يدوس على الطائرات. و حاولت أنا ان اجد طريقة اشرح لنديم ما يجب عمله. نديم يستجيب للصور للتواصل و لذا حاولت ان اشرح لناصف انه من الصعب الاستجابة بالكلام خاصة و ان لم يكن نديم ينظر اليه. لكن التوتر غلب على قدرتي على الشرح و لم يخرج من فمي الا نديم عنده توحد. لثقتي به و قرب علاقته للعائلة قلت له ذلك. كأنني أحاول ان اختصر الموقف لكي يساعدني لأنني اعلم انه ممكن ان يكمل الكلام و لا يستجيب نديم و يزيد التوتر. "اعلم." جاء رده.

" لا تقولي أمامه او لأي شخص ان نديم عنده توحد. كل طفل، كل شخص مميز عن الاخر".
"أمامه" هي الكلمة التي وجعت قلبي. لان نديم يتواصل بطرق كثيرة مختلفة لكن ليس بالكلام يعتبر الكثير انه لا يفهم ما يقال أمامه. و عندما أقع أنا في هذا اشعر بذنب كبير يتآكل بداخلي و ينخر في عقلي بدون انقطاع. برغم كل ما تعلمته و ما أؤمن به لا زلت أقع في الخطأ. أحاول ان أعيد اللحظة في عقلي مرارا و تكرار لتحديد ان كان نديم قد سمع ما قلته لناصف. أكيد سمع. و يعود و يتآكلني الشعور بالذنب.

لكن عندي رغبة قوية اخرى. رغبة ان يفهم العالم كله معنى التوحد. لا اجد عيبا او حرجا منها لأنني لا اعتبر التوحد او اي نوع من الاحتياجات الخاصة آفة. أؤمن ان التوحد جزء لا يتجزأ من نديم و أؤمن انها من اسباب روعته. لست ممن يريدون "علاج" او ممن ينكرون واقع. هذا نديم و هو رائع. نقطة. المشكلة ليست نديم بل كل من حوله الذي لن يفهمه الا عند تخصيص وقت و عمل مجهود للتركيز معه. نديم يتجاوب فقط ان أعطيته كل اهتمامك. لا يقبل بأقل من ذلك. حقه.

شكرًا يا ناصف.

No comments:

Post a Comment